مياه الشرب في المناطق الريفية من العالم العربي
في العقود السابقة، وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، كانت التنمية الريفية تحتل موقعًا مهمًا وذا أولوية بالنسبة للحكومات في الدول العربية. يعود ذلك إلى أن المناطق الريفية مسؤولة في المقام الأول عن تحقيق الأمن الغذائي للبلدان وتوفير المواد الأولية للسلع الصناعية والتجارية في المراكز الحضرية.
كانت مسألة توفير مياه الشرب مباشرة للمنازل الريفية قضية أساسية ضمن التنمية المبتغاة. فقد قامت العديد من الدول العربية بخطوات كبيرة في تقديم خدمات المياه الأساسية للمناطق الريفية، ويمكن اعتبار المشكلة قد حلت كلياً في بعض الدول . على سبيل المثال، في المملكة العربية السعودية، ولمدة تزيد عن 25 عامًا، بلغت نسبة السكان الريفيين الذين يستخدمون خدمات مياه الشرب الأساسية 100%. ومع ذلك، تظل هذه المسألة الأساسية قيد المناقشة في دول عربية أخرى حتى يومنا هذا.
مؤشرات التقدم السريع
بعض الدول سجلت أرقامًا منخفضة في توفير خدمات مياه الشرب في نهاية الألفية الماضية ولكن تمكنت من تحقيق تقدم واضح في هذه المسألة. تشير المؤشرات التصاعدية بانتظام إلى الجهود المستمرة، لكن دون حل كامل. تشمل الأمثلة العراق الذي انتقل من 54.04٪ في عام 2000 إلى 94.83٪ في عام 2022، وتونس التي تقدمت من 72.46٪ إلى 93.42٪ خلال 22 عامًا.
نسبة السكان الذين يستخدمون خدمات المياه الشرب الأساسية في المناطق الريفية (العراق - تونس، 2000-2022)
أرياف محرومة من مياه الشرب
حتى اليوم، يواجه جزء كبير من سكان الريف في بعض الدول العربية صعوبة في الوصول إلى خدمات المياه الشرب الأساسية. على الرغم من الجهود المبذولة للتخفيف من هذه المشكلة خلال العقدين الماضيين، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن الأزمة ما زالت تشكل مشكلة كبيرة بتأثير مباشر على التنمية. في الصومال، حتى عام 2022، يتمتع فقط 38.65٪ من مناطقها الريفية بوصول إلى خدمات المياه الشرب، مقارنة بنسبة 5.69٪ في عام 2000. في اليمن، يفتقر حوالي نصف السكان الريفيين حاليًا إلى الوصول إلى خدمات المياه الشرب في منازلهم. أما في المغرب، فحوالي 35٪ من سكان الريف لا يزالون يفتقرون إلى هذه الخدمات.
نسبة السكان الذين يستخدمون خدمات المياه الشرب الأساسية في المناطق الريفية (الصومال - اليمن - المغرب، 2000-2022)
تقدم بطيء في مصر والأردن
على الرغم من أنهما يحتلان مواقع متقدمة مقارنة بالعديد من الدول العربية الأخرى في توفير خدمات المياه الشرب الأساسية للمناطق الريفية، إلا أن مصر والأردن، على مدى السنوات الـ 22 الماضية، لم يحققا اختراقًا واضحًا في هذا الصدد. فنسبة التقدم في الأردن لا تتجاوز 0.26٪، وفي مصر، تبلغ 1.01٪.
نسبة السكان الذين يستخدمون خدمات المياه الشرب الأساسية في المناطق الريفية (الأردن / مصر، 2000-2022)
يعكس التفاوت بين نسب السكان في المناطق الريفية في الدول العربية الذين يحققون أمنهم المائي، تفاوتاً في مستويات التنمية، وهو ما ينعكس على مختلف القضايا الخاصة بالمستوى الصحي والتعليمي والثقافي. باعتبار أن توفّر مياه الشرب يقع موقع أولى متطلبات التجمعات البشرية، فبعد توفره يتعذّر توفّر كل شيء آخر.
نسبة السكان الذين يستخدمون خدمات المياه الشرب الأساسية في المناطق الريفية (الدول العربية، 2000-2022)